بعد أن عقدت العزم على تسليم روحى لبارئها لتنعم بموتها المؤقت، وقبل أن يحلَ علىّ أمرُ الله، وفوق سريرى حيث مسرح الجريمة وآثار الحبر، تهاجمنى أفكارٌ حادة، برّاقة، أنتشى بروعتها، ولكم أعجب أن تدور مثل تلك الأفكار فى رأسى! ولكم هى غريبة تلك اللغة التى يتحدث بها عقلى! لغة غير لغتى، عقلية بحتة، خفية الروابط، تتقلب بين العلل والنتائج، ترتحل من الأوهام بحثًا عن الحقائق.
يعلو الصراخ فى عقلى، أفكار تثور تطالب بحقها فى الحلم، حقها فى الوجود.
لِمَ تتراءى الأفكار بهذه القوة حين أكون أنا فى حالة من الضعف أو العجز؟ ولِمَ تتراءى الكلمات والجمل وأنا مغمض العينين نجومًا ساحرة وحين أفتح عينى تتطاير مفزوعة، وكأنى حين أغلقها وأتوقف عن استقبال العثرات الخارجية يرتقى عقلى ليمارس لعبته ويرتكب جريمته وتنبت الأفكارُ أجنةً تَحلمُ بالوجود،وكأنى حين أفتحُها أُهينُ عقلى فيحرمنى لذة الأفكار فينقبض عليها رَحِمُه فتصير عظامًا مهشمة أكتب على ذكراها .
إن كان هذا تفسيرى لأفكار قبل النوم فما سر الضّريم المُتقد فى رأسى حين أمشى؟! ما علاقة التفكير بالمشى ؟
ربما بسبب المشاهد المُلهمة التى أراها أثناء المشى؛ فكم من قصص ومقالات نسجها عقلى فى طابور العيش! لدرجة جعلتنى أصطحب نوتة وقلم، ولم أدرى سبب "بحلقة" الناس فىّ ، وكأنى أقبل النوتة أو أغتصب القلم، لكننى تجاهلت العيون البهيمية.
ولأنى أحب أن أزنَ الجملَ فى رأسى وأنا مغمضُ العينين قبل أن أكتبها، ولأن شعبنا طيب لدرجة الهبل؛ ظن الحاج المنتظر فى الطابور خلفى أنى نمت وأنا واقف على الرغم أننى لم أتمايل وأنى مازلت أمسك القلم والنوتة، وتخيل حين تصعد قمة جبل ثم يأتى شخص سخيف يرفُسك ينزّلك الأرض. دعك من رقبتك التى تكسّرت ومن عظامك المحطمة فهى محطمة من قبل أن تسقط، لكن مشقة الصعود ونشوة الأنتصار على الفكرة من أجل الفكرة ذاتها. كل هذا ولا يكتفى حين تعود للقمة ثانيةً بعظامك المحطمة ورقبتك المكسورة يأتى بكل سخافة ويرفسك.
- أدى النوتة يا عم الحاج، وأدى القلم، ومش عايز عيش، وهروح أتخمد فى بيتنا .
- لا حول ولا قوة إلا بالله ! الواد اتجن !
ويعلو صوت الأفكار مع نداء بائع الطماطم فتصير الأفكار حمرة مدورة وب 2.5 ، وأمضى وسط السوق بحثًا عن سمك القطط. فى السوق تشتم رائحة النتن تستشرى فى كل موجود ومعدوم، البضاعة المضروبة، والبائعين بضمائرهم المزيفة، والزبائن المثيرين للأشمئزاز، وبعض النفوس الضالة تسرح لأغراض دنيئة، لرائحة زفارة فم قطتى أطيب من رائحتهم، لكن بين ذرات النتن تندس رائحة الوطن، وفى هذا الجو أمضى منتشيًا بمزيج الرائحة العجيب، أقبّل النوتة، وأغتصب القلم، أتفادى الغوص فى كتل اللحم المتهدّلة، نساء حولتهن الأيام إلى أفيال بشرية، وفى محاولة من أحداهن لاستعادة ثقتها الضائعة، أصبحت سافلاً مُتحرِشًا، ووالله ما كنت إلا مُتحرَشًا به !
لا أدرى ما الذى دفعنى إلى سرد كل هذا .. أهى ذكرى لرفات أفكارى ؟! أأراد عقلى أن يعاقبنى على فتح عينى ؟! أ هى أضغاث أحلام ؟! وهل أنا نائم ؟! نائم يكتب ؟! أنا أكتب ؟! لكنى لا أستطيع أن أفكر وأنا أكتب .. ما هذا إذًا ؟!
لقد تُهت :( ما أردت كل هذا .. كان عندى سؤال بسيط، هو أنا مجنون ؟!
محمود يوسف :)
11/1/2011
يعلو الصراخ فى عقلى، أفكار تثور تطالب بحقها فى الحلم، حقها فى الوجود.
لِمَ تتراءى الأفكار بهذه القوة حين أكون أنا فى حالة من الضعف أو العجز؟ ولِمَ تتراءى الكلمات والجمل وأنا مغمض العينين نجومًا ساحرة وحين أفتح عينى تتطاير مفزوعة، وكأنى حين أغلقها وأتوقف عن استقبال العثرات الخارجية يرتقى عقلى ليمارس لعبته ويرتكب جريمته وتنبت الأفكارُ أجنةً تَحلمُ بالوجود،وكأنى حين أفتحُها أُهينُ عقلى فيحرمنى لذة الأفكار فينقبض عليها رَحِمُه فتصير عظامًا مهشمة أكتب على ذكراها .
إن كان هذا تفسيرى لأفكار قبل النوم فما سر الضّريم المُتقد فى رأسى حين أمشى؟! ما علاقة التفكير بالمشى ؟
ربما بسبب المشاهد المُلهمة التى أراها أثناء المشى؛ فكم من قصص ومقالات نسجها عقلى فى طابور العيش! لدرجة جعلتنى أصطحب نوتة وقلم، ولم أدرى سبب "بحلقة" الناس فىّ ، وكأنى أقبل النوتة أو أغتصب القلم، لكننى تجاهلت العيون البهيمية.
ولأنى أحب أن أزنَ الجملَ فى رأسى وأنا مغمضُ العينين قبل أن أكتبها، ولأن شعبنا طيب لدرجة الهبل؛ ظن الحاج المنتظر فى الطابور خلفى أنى نمت وأنا واقف على الرغم أننى لم أتمايل وأنى مازلت أمسك القلم والنوتة، وتخيل حين تصعد قمة جبل ثم يأتى شخص سخيف يرفُسك ينزّلك الأرض. دعك من رقبتك التى تكسّرت ومن عظامك المحطمة فهى محطمة من قبل أن تسقط، لكن مشقة الصعود ونشوة الأنتصار على الفكرة من أجل الفكرة ذاتها. كل هذا ولا يكتفى حين تعود للقمة ثانيةً بعظامك المحطمة ورقبتك المكسورة يأتى بكل سخافة ويرفسك.
- أدى النوتة يا عم الحاج، وأدى القلم، ومش عايز عيش، وهروح أتخمد فى بيتنا .
- لا حول ولا قوة إلا بالله ! الواد اتجن !
ويعلو صوت الأفكار مع نداء بائع الطماطم فتصير الأفكار حمرة مدورة وب 2.5 ، وأمضى وسط السوق بحثًا عن سمك القطط. فى السوق تشتم رائحة النتن تستشرى فى كل موجود ومعدوم، البضاعة المضروبة، والبائعين بضمائرهم المزيفة، والزبائن المثيرين للأشمئزاز، وبعض النفوس الضالة تسرح لأغراض دنيئة، لرائحة زفارة فم قطتى أطيب من رائحتهم، لكن بين ذرات النتن تندس رائحة الوطن، وفى هذا الجو أمضى منتشيًا بمزيج الرائحة العجيب، أقبّل النوتة، وأغتصب القلم، أتفادى الغوص فى كتل اللحم المتهدّلة، نساء حولتهن الأيام إلى أفيال بشرية، وفى محاولة من أحداهن لاستعادة ثقتها الضائعة، أصبحت سافلاً مُتحرِشًا، ووالله ما كنت إلا مُتحرَشًا به !
لا أدرى ما الذى دفعنى إلى سرد كل هذا .. أهى ذكرى لرفات أفكارى ؟! أأراد عقلى أن يعاقبنى على فتح عينى ؟! أ هى أضغاث أحلام ؟! وهل أنا نائم ؟! نائم يكتب ؟! أنا أكتب ؟! لكنى لا أستطيع أن أفكر وأنا أكتب .. ما هذا إذًا ؟!
لقد تُهت :( ما أردت كل هذا .. كان عندى سؤال بسيط، هو أنا مجنون ؟!
محمود يوسف :)
11/1/2011
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق